الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث عون أمن بترت يـــده بعـد حـادث أمـام منـزل البـاجي قايد السبسي.. فهل في الأمر خطأ طبي؟

نشر في  10 أوت 2016  (10:46)

قد يفقد المرء منا منصبه أو عمله ، وقد يتجاوز ويتدارك ويتعايش مع الأمر، لكن هناك ما يصعب علينا تجاوزه لأنه سيرافقنا مدى الحياة، نستفيق وننام معه، ونقصد هنا فقدان احد الأعضاء الحيوية من الجسد، فكم هو صعب التعايش مع جسد جديد منقوص من جزء ما، ورغم ما وصل اليه العالم من تطور تكنولوجي، حيث بات الشخص منا قادرا على تعويض ما فقده من اعضائه سواء في حادث مرور او حادث شغل او مرض، وصار بالامكان تفادي أي شعور بالنقص أو الحرمان، لكن هذا ليس حال ضابط شرطة أول «عمر بن عيسى» الذي يشعر حاليا بحالة من الاحباط، وخوف من عدم تعويض يده اليسرى التي بترت الأسبوع الفارط بعد رحلة طويلة مع الألم والعذاب ...

عمر بن عيسى ضابط شرطة اول يبلغ من العمر 46 سنة متزوج وله 3 أبناء، اشتغل كمساعد استمرار بالشرطة العدلية باريانة الشمالية، له اليوم في المجال الأمني 24 سنة من العمل المتواصل .. عمر فقد مؤخرا يده اليسرى بعد ان اضطر الأطباء بمستشفى القصاب الى بترها نتيجة تعفنها ..
وفي حديث خصّ به ضابط شرطة أول عمر بن عيسى، اخبار الجمهورية، أفادنا أن اصابته ناجمة عن حادث شغل، وأن بتر يده كان جراء خطأ طبي على حدّ تعبيره.
القصة انطلقت سنة 2014، وحسب ما افادنا به محدثنا فقد تحول في احدى الليالي الى نقطة حراسة خاصة بمنزل الباجي قائد السبسي بجهة سكرة قبل توليه منصب رئيس الجمهورية، مضيفا أنه توقف بسيارة الشرطة للحظات امام نقطة الحراسة للاطمئنان على زملائه، وتسلم طلباتهم ان وجدت،  وكانت الساعة تشير انذاك الى الثانية بعد منتصف الليل، في الأثناء سمع دوّي ارتطام شديد، ليتبين انه ارتطام سيارة اجرة كان سائقها يقودها بسرعة جنونية، بسيارة  بن عيسى الذي اصيب باضرار جسدية متفاوتة الخطورة جراء الحادث، وتم نقله على اثره الى مستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى، حيث اجريت عليه الفحوصات اللازمة وقام الاطباء بجبر يده اليمنى وتضميد بعض الجروح برأسه، ومطالبته بالمغادرة لان حالته الصحية مستقرة.
وافادنا عمر  انه كان يشعر بآلام حادة على مستوى يده اليسرى لكن الاطباء لم يعيروا كلامه ادنى اهتمام، مضيفا انه وبعد ايام من الحادث عاودته الآلام بأكثر حدة مع بروز بعض الكدمات الزرقاء، فما كان منه سوى الذهاب مجددا الى المستشفى المذكور آنفا لتجري عليه بعض الفحوصات والتحاليل ويطمئنه الأطباء ان يده بخير رغم ان الألم لم يتوقف...

حادث يقلب الموازين

وذكر عمر بن عيسى انه واصل حياته المهنية بطريقة عادية رغم ان الآلام على مستوى يده اليسرى لم تفارقه يوما، وكان حله الوحيد بعض المسكنات، الى ان جد حادث قلب موزاين حياته وادخله في دوامة لا نهاية لها، حيث كان سنة 2015 صحبة دورية امنية بصدد ملاحقة مروج مخدرات «زطلة» في الاثناء لاذ هذا الاخير بالفرار فما كان منه سوى ان لحقه، لكن المروّج قفز من احد الاسوار وبمحاولة بن عيسى اللحاق به، التوت يده اليسرى وكسرت، مضيفا انه لم يعد قادرا على التحكم فيها حيث فصلت من جسده مما اضطره الى ربطها بملابسه الداخلية، ليتم نقله على جناح السرعة الى مستشفى قوات الامن الداخلي بالمرسى، حيث اخبره الاطباء ان يده في حاجة الى شريحة حديدية ومسامير، مشيرا الى أن المستشفى كان يفتقر الى هذه المعدات مما اضطره للانتظار مدة طويلة مستعينا بالمسكنات، لكن انتظاره طال وطالت معه المماطلة والتعلل بعجز المستشفى والصعوبات المالية، مؤكدا أن يده بدأت في التعفن دون أي اسعافات تذكر، ونظرا لخطورة حالته الصحية، تم اسعافه واجراء العملية وتركيب المسامير وشريحة الحديد بيده، وماهي الا ايام وغادر المستشفى ..

رحـلـة الـعــلاج

بعد اجراء العملية انطلقت رحلة عمر بن عيسى في العلاج الطبيعي والأدوية لكن وبعد أقل من شهر بدأت اثار الانتفاخ تظهر على يده وازدادت حال يده سوءا ولم تخلصه المسكنات من الآلام، ورغم زياراته المتكررة للمستشفى فان الاجابات كانت متشابهة وهي ان يده بخير واستمر الحال على ماهو عليه، الى ان تعفن جرحه مجددا لتتمّ احالة ملفه الطبي على مستشفى القصاب، وهناك صدم الأطباء من هول ما شاهدوه على حد تعبير محدثنا الذي افادنا أن الاطباء اخبروه انه لم يكن حريا تركيب شريحة الحديد والمسامير على يده لان العظم كان في حالة سيئة جدا..
وافادنا محدثنا ان الاطباء بالقصاب اخبروه ان حالته قد تزداد سوءا نظرا لان التعفن قد يطال اعضاء اخرى من جسده، وانهم مضطرون لبتر يده وهو ما حدث فعلا الاسبوع الفارط حيث اجريت عليه عملية جراحية وبترت يده بالكامل ..

وزارة الداخلية ترفض الاعتراف

وفي سياق حديثنا، بين عمر بن عيسى ان وزارة الداخلية قامت بارسال فريق طبي لمعاينته، مضيفا انه استنتج من كلامهم ان الوزارة ترفض الاعتراف بكون ما تعرض اليه يدخل في خانة حوادث الشغل ..
وافادنا بن عيسى انه لا يطلب اي مساعدات مادية رغم أنه في أمس الحاجة اليها حيث أنه يعيل عائلة متكونة من 4 افراد، مشيرا الى ان مطلبه الوحيد هو اجراء عملية خارج حدود الوطن وتركيب يد اصطناعية تساعده على مواصلة حياته بشكل عادي، مضيفا بكونه متمسكا بعمله.

الداخلية توضح

وباتصالنا بالمكتب الاعلامي لوزارة الداخلية، تم اخبارنا ان عمر بن عيسى تعرض فعلا سنة 2014 الى حادث شغل تمثل في حادث مرور حيث اصطدمت سيارة اجرة تاكسي بسيارة أمن كان يمتطيها هذا الأخير، مما أدى الى كسر على مستوى يده اليسرى، كما تعرض نفس الشخص الى حادث شغل ثان سنة 2015 يتمثل في اصابته على نفس اليد أثناء ملاحقة عنصر مشتبه فيه بجهة جعفر وقد تسبب قفزه من أعلى الجدار أثناء الملاحقة في كسر يده، كما تم اخبارنا أنه وفي الأثناء اصيب عمر بن عيسى بمرض خبيث على مستوى زنده الأيسر وتعكرت حالته صحية، مما اضطر الاطباء بمستشفى قوات الامن الداخلي بالمرسى الى تحويل ملفه بتاريخ 22 جويلية 2016 الى مستشفى القصاب وهناك تم الاقرار ببتر يده بالكامل بتاريخ 4 اوت 2016، ليغادر عمر بن عيسى المستشفى بتاريخ 8 أوت 2016 ..
وافادت مصادرنا ان حالة عمر بن عيسى تحظى بالمتابعة من قبل المديرين العامين للامن الوطني والامن العمومي ولمكتب العمل الاجتماعي بديوان وزير الداخلية، حيث تم اقرار مساعدة مالية حينية لفائدة بن عيسى ومساعدة مالية مبدئية خاصة بشهر أوت قدرها الف دينار، اضافة الى ترقيته بمعنى الفصل 26، كما تم اعلامنا أنه جار متابعة حالته النفسية والاجتماعية.
وباتصالنا بدكتور مختص ومسؤول بوزارة الداخلية رفض الافصاح عن اسمه أكد لنا أن عمر بن عيسى يحظى حاليا بمتابعة نفسية واجتماعية من قبل كل الاطارات والمسؤولين وأن وزارة الداخلية على كامل الاستعداد لمد يد المساعدة له، مضيفا أن ما تعرض له بن عيسى وبتر يده لم يكن ناجما عن خطأ طبي ولا علاقة له بالكسور اثر حوادث الشغل أو تعفن يده بل نتيجة اصابته بمرض خبيث على مستوى يده اليسرى تطور واستفحل مما استوجب وبعد الاستشارة بين أطباء مستشفى قوات الامن الداخلي ومستشفى القصاب الى بتر يده، مؤكدا أن اطباء المرسى هم من تفطنوا للمرض منذ البداية وخيّروا ارساله الى القصاب لتوفر هذا المستشفى على كل المعدات اللازمة لاجراء العملية ..
موضوع للمتابعة...

إعداد: سناء الماجري